الأسواق تترقب: هل يقترب الدولار من ذروته الأخيرة؟

استقر الدولار الأمريكي اليوم الثلاثاء بالقرب من أعلى مستوياته خلال ثلاثة أشهر، وذلك في ظل استمرار حالة الانقسام داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن مستقبل السياسة النقدية. وقد دفع هذا الوضع المستثمرين إلى تقليص توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، مما أثر مقدمًا على أداء الأسواق العالمية التي تتعامل بحذر مع إشارات البنك المركزي الأمريكي الأخيرة.
انقسام الفيدرالي وتأثيره على التوقعات
جاء هذا الاستقرار بعد أسبوع شهد خفضًا محدودًا في أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي. ومع ذلك، فإن تصريحات رئيسه جيروم باول تشير إلى أن هذا الإجراء قد يكون الأخير خلال العام الجاري، مما خيب آمال الأسواق التي كانت تراهن على سلسلة من التخفيضات لدعم النمو الاقتصادي. وأظهرت أداة “فيد ووتش” التابعة لبورصة سي إم إي أن المتداولين يتوقعون بنسبة 65% فقط خفضًا آخر للفائدة في ديسمبر، مقارنة بـ94% قبل أسبوع، وهو ما يعكس تحولًا حادًا في المزاج الاستثماري.
تحركات العملات الآسيوية والأوروبية
في الأسواق الآسيوية، واصل الين الياباني تراجعه ليصل إلى 154.38 مقابل الدولار، مقتربًا من أدنى مستوى له في ثمانية أشهر ونصف، مما أثار مخاوف جديدة من احتمال تدخل الحكومة اليابانية لكبح هذا الانخفاض الحاد. كما انخفض اليورو إلى 1.1498 دولار مسجلًا أدنى مستوى له منذ بداية أغسطس، بينما سجل الجنيه الإسترليني انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.13% ليستقر عند 1.312 دولار، مما يعكس قوة الدولار أمام معظم العملات الرئيسية.
انعكاسات اقتصادية عالمية
يرى محللون أن قوة الدولار في هذه المرحلة تعكس مزيجًا من العوامل، أبرزها ثقة الأسواق في الاقتصاد الأمريكي رغم تباطؤ النمو، مقابل تراجع التوقعات بشأن الاقتصادات الأوروبية والآسيوية التي تواجه تباطؤًا في الطلب وتزايد المخاطر الجيوسياسية. كما أن استمرار الإغلاق الجزئي للحكومة الأمريكية حال دون صدور بيانات اقتصادية مهمة قد تؤثر في توجهات المستثمرين، مما جعل الدولار المستفيد الأكبر من الغموض الحالي.
المؤشرات والأداء العام
ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية بنسبة 0.1% ليصل إلى 99.99 نقطة، وهو أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر. وهذا يعزز من مكانة العملة الأمريكية كملاذ آمن في فترات التذبذب الاقتصادي. ويتوقع خبراء أن يواصل الدولار أداءه القوي ما لم يظهر تحول مفاجئ في سياسات الفيدرالي أو مؤشرات النمو خلال الربع الأخير من العام، مما يبقي الأسواق في حالة ترقب حذر تجاه أي تصريح قد يغير اتجاه الأسعار مجددًا.



