مبادرة علمية بالحرمين لتعزيز المنهج الوسطي وترسيخ السنة

أطلق الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، مبادرة جديدة تهدف إلى تعزيز العلوم الشرعية من خلال انطلاق مجالس سماع الكتب المسندة. تسعى هذه المبادرة إلى إحياء منهج السند المتصل في تعليم السنة النبوية داخل الحرمين الشريفين.
التفاصيل العلمية للمجالس
تتضمن المجالس العلمية تلاوة وشرح وتعليق على كتب السنة المعتمدة، مثل صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم. وتُقدّم هذه المجالس من قبل مجموعة من العلماء والمدرسين المتخصصين والمعتمدين لدى الحرمين، وفق منهجية علمية دقيقة تعتمد على تلقي المعرفة من خلال الإسناد المتصل.
أكد الشيخ السديس أن هذه المبادرة تأتي استجابة للرسالة العالمية التي يحملها الحرم المكي والنبوي في نشر الهداية والعلم الشرعي الوسطي. كما تسلط المبادرة الضوء على أهمية ربط الأمة بالوحيين الشريفين وتفعيل الإرث العلمي العريق الذي يزخر به المكانان المقدسان.
أهمية المجالس في تعزيز الوسطية
تسعى المجالس إلى ربط طلاب العلم بالسند العلمي المتصل، مما يعكس أحد أبرز معالم التراث العلمي الإسلامي. ويعد هذا المسار التعليمي مفتاحًا للحفاظ على منهج التلقي الصحيح الذي يعتمد على التعلم المباشر من العلماء الموثوقين.
كما ذُكر أن هذه المجالس تعد جزءًا من برامج علمية وتعليمية متعددة تُشرف عليها رئاسة الشؤون الدينية، والتي تهدف إلى تعزيز الوعي الشرعي الصحيح وترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال. تسعى المجالس أيضًا لمواجهة مظاهر الغلو والتطرف من خلال التعليم المنهجي الرصين.
تُعقد المجالس في أجواء روحانية داخل المسجد الحرام والمسجد النبوي، مما يمنحها طابعًا فريدًا يجمع بين التجرد العلمي والخشوع الإيماني. تعد هذه المجالس محطّة مهمة لكل من يزور الحرمين للتزود بالمعرفة والارتباط بالسنة النبوية.
تفتح المجالس أبوابها للزائرين والمقيمين وطلاب العلم، مع تنظيم دقيق يشرف عليه طاقم علمي وإداري مختص لضمان سير الحلقات وفق أعلى معايير الجودة والانضباط. كما تحظى المجالس باهتمام خاص من حيث إعداد المحتوى العلمي وتأكيد أهلية المدرسين وصدق الإسناد.
إحياء سنة التلقي المباشر
تسهم المجالس في إحياء سنة السماع والتلقي المباشر، مما يربط الأجيال المعاصرة بالسلاسل الذهبية التي حفظت السنة عبر القرون. تأتي هذه المبادرة في وقت يشهد فيه إقبال متزايد على الحرمين من طلاب العلم والباحثين عن السند المتصل.
تستمر المجالس وفق جدول زمني دقيق يتيح للطلاب حضور مختلف الكتب الحديثية، مع الحرص على تسجيل الحضور والمتابعة والإجازة لمن يُكمل السماع الكامل. تعد هذه الخطوة فرصة جديدة للعلم والتعليم داخل الحرمين.
تُعتبر هذه المبادرة امتدادًا لتاريخ طويل من المجالس العلمية التي انعقدت في الحرمين منذ فجر الإسلام وحتى اليوم. تهدف رئاسة الشؤون الدينية من خلال هذه المجالس إلى إحياء هذا الدور وطرحه بروح معاصرة، مع الحفاظ على أصالته ومكانته.