اقتصاد

احتياطات بالمليارات: لماذا تخفي البنوك المركزية الذهب خلف جدرانها؟

شهد العالم في عام 2024 ارتفاعًا في إنتاج الذهب إلى مستويات قياسية، حيث بلغ الإنتاج العالمي 3661 طناً، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي. يأتي هذا الارتفاع وسط طلب متزايد على المعدن الأصفر، الذي يعد من أهم الملاذات الآمنة وأداة للتحوط ضد الأزمات الاقتصادية. على الرغم من استخراج البشرية نحو 220 ألف طن من الذهب عبر التاريخ، فإن الجزء الأكبر منها تم اكتشافه في القرنين الماضيين، مما يبرز الطبيعة المتجددة لهذا المعدن الثمين.

صناعة الذهب: الصين تتصدر والأرقام تتغير

لا تزال الصين تحتفظ بموقعها كأكبر منتج للذهب، حيث تجاوزت إنتاجها 380.2 طن في العام الماضي، متخطيةً جنوب إفريقيا منذ عام 2007. كانت الذروة التاريخية للإنتاج الصيني قد سجلت 463.7 طن في عام 2016. تلتها روسيا في المرتبة الثانية بإنتاج بلغ 330 طناً، ثم أستراليا بـ284 طناً وكندا بـ202 طن. تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز الخامس بإنتاج 158 طناً، مما يعكس التحولات الكبيرة في خريطة إنتاج الذهب العالمية.

دور البنوك المركزية في السوق الذهبية

لا يقتصر المنافسة على إنتاج الذهب فقط، بل تلعب البنوك المركزية دوراً مهماً في التحكم بالعروض العالمية، حيث تحتفظ بما يقارب 17% من إجمالي الذهب المستخرج، المقدر قيمته بحوالي 24 تريليون دولار. يتصدر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المشهد باحتياطيات تصل إلى 8133 طناً، يليه البنك المركزي الألماني بـ3352 طناً، ثم إيطاليا وفرنسا. وعلى الرغم من حجم الإنتاج الهائل من الصين، إلا أنها تحتل المرتبة الخامسة في الاحتياطي، مما يكشف عن الفجوة بين الإنتاج والاحتياطي.

المستقبل: الذهب في مجالات جديدة

شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في الطلب على الذهب، خاصةً من قبل المستثمرين وصناديق المؤشرات، بينما يستهلك قطاع المجوهرات نحو 45% من إجمالي المعروض. بالمقابل، تراجع الطلب الصناعي، مع إدراج الذهب في مكونات الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية، مما يفتح المجال لمنافسة جديدة بين شركات التكنولوجيا وصناديق الاستثمار. في أفريقيا، رغم كون القارة أكبر منتج للذهب بواقع 1010 أطنان سنوياً، لا تحتفظ سوى بكميات قليلة منه، مما يعكس عدم استفادتها من ثرواتها الطبيعية، بينما تستفيد أسواق آسيا وأميركا الشمالية وأوروبا من تعزيز مخزوناتها من هذا المعدن الثمين.

يستمر الذهب في الاحتفاظ بجاذبيته كعنصر له قيمة فريدة في الثقافة الإنسانية، سواء كمجوهرات أو كأداة للاستثمار. ومع استمرار التوترات العالمية والمخاطر الجيوسياسية، يبدو أن المعدن الأصفر سيبقى في صميم المشهد المالي لعقود قادمة، ليشكل أحد أسس القوة الاقتصادية للدول والأفراد.

قد يهمك

زر الذهاب إلى الأعلى