أسواق النفط العالمية تشهد انخفاضًا غير متوقع والمستثمرون في تحرك غامض

شهدت أسعار النفط اليوم الخميس تراجعًا طفيفًا في حركة تصحيحية بعد الارتفاع الكبير الذي حققته الجلسة السابقة. جاء هذا الهبوط نتيجة عمليات جني الأرباح، رغم الأجواء الإيجابية المحيطة بإنخفاض مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة.
تطورات السوق النفطي
في تعاملات الأمس، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في سبعة أسابيع، بدعم من بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، التي أظهرت تراجعًا غير متوقع في المخزونات التجارية، مما يعكس تحسن الطلب المحلي على النفط.
ومع ذلك، سارع المستثمرون إلى جني الأرباح، مما أدى إلى تراجع طفيف في الأسعار اليوم، في ظل استقرار المؤشرات الأساسية للسوق التي توازن بين الطلب والعرض.
وبخصوص العقود الآجلة لخام برنت، فقد انخفضت بحوالي 18 سنتًا، أي بنسبة 0.26%، ليصل السعر إلى 69.13 دولارًا للبرميل، بعد أن اقترب في الجلسة السابقة من حاجز 70 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ أكثر من شهر ونصف.
أما خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، فقد شهد تراجعًا بمقدار 20 سنتًا، ما يعادل 0.31%، ليصل إلى 64.79 دولارًا للبرميل، مما يعكس استمرار نطاق التداول السائد في السوق خلال الأسابيع الأخيرة.
العوامل المؤثرة في الأسعار
يرى المحللون أن الانخفاض في الأسعار لا يعكس ضعفًا في الأساسيات، بل يعكس رد فعل طبيعي لجني الأرباح بعد الارتفاعات المتتالية. وقد تراجع المخزون الأمريكي بمقدار يزيد عن 2.2 مليون برميل الأسبوع الماضي، رغم توقعات السوق بزيادة طفيفة، مما يعزز الآمال في انتعاش استهلاك الوقود.
ويتزامن هذا التحسن في الطلب مع بداية فصل الخريف، حيث يزداد التنقل البري والجوي مقارنة بفصل الصيف، مما يدعم الطلب على المشتقات النفطية مثل البنزين ووقود الطائرات.
ومع ذلك، تبقى المخاوف الاقتصادية العالمية تُلقي بظلالها على الأسواق، وسط ترقب لتحركات البنوك المركزية الكبرى في ما يخص أسعار الفائدة وتأثيرها على النمو والطلب العالمي على الطاقة.
يراعي المستثمرون كذلك البيانات الاقتصادية المقبلة من الصين وأوروبا، حيث تُعتبر مستويات النشاط الصناعي ومعدلات الاستهلاك مؤشرات رئيسية لتوقعات الطلب على النفط لبقية العام.
وفي إطار ذلك، تتابع الأسواق عن كثب تصريحات مسؤولي تحالف “أوبك بلس”، في حالة من الترقب لمعرفة ما إذا كان التحالف سيبقي على مستويات الإنتاج الحالية أو يعدلها بناءً على تطورات السوق.
رغم التقلبات اليومية، لا تزال أسعار النفط تظهر نوعًا من التماسك بفضل عدة عوامل، منها اضطرابات الإمدادات في بعض الدول المنتجة، بالإضافة إلى التوقعات بإبقاء الإنتاج محدودًا من قبل كبار المصدرين.
التوجهات المستقبلية
يسعى المنتجون للحفاظ على توازن السوق ومنع الأسعار من التراجع إلى مستويات غير مجدية، خاصة مع التذبذبات في الطلب العالمي. وفي المقابل، تظل تأثيرات العقوبات الغربية على الإمدادات الروسية ومجهودات الدول الأوروبية لتقليل اعتمادها على النفط الروسي عنصراً مهماً في معادلة السوق.
تبقى السوق حساسة لأي تطورات جيوسياسية مفاجئة في مناطق الإنتاج، مثل الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، حيث يمكن أن تؤثر تلك الأحداث سلبًا على الأسعار.
بينما يذكر البعض احتمالية تجاوز الأسعار حاجز 75 دولارًا للبرميل في الربع الأخير من العام، يرى آخرون أن ضغوط التضخم وارتفاع الدولار قد تحد من هذا النمو، ما لم تحدث تحولات جوهرية في العرض والطلب.
بشكل عام، تعكس الحركة الحالية في أسعار النفط حالة من الترقب وعدم اليقين، مع ميل نحو التماسك مدفوعًا بالعوامل الأساسية، في حين تحتاج الأسواق إلى محفزات قوية لتحديد الاتجاه المستقبلي.