أخبار السعودية

العمل عن بُعد يغير قواعد اللعبة في السعودية ويعيد تشكيل سوق العمل

تعتبر تجربة العمل عن بُعد في السعودية تحولًا جذريًا في شكل سوق العمل، حيث لم تعد مجرد خيار مؤقت بل أصبحت وسيلة فعالة لفتح آفاق جديدة للعاملين، خصوصًا الفئات التي تواجه صعوبات في الانخراط في بيئة العمل التقليدية. وقد أكد مستشار الموارد البشرية محمد الفوازي أن هذه التجربة ساهمت في إعادة تعريف الأداء المهني وأساليب الإنجاز داخل مؤسسات العمل.

تحولات العمل عن بُعد وتأثيرها على الفئات المختلفة

أوضح الفوازي أن العمل عن بُعد قد أسهم في توفير المزيد من المرونة للشركات وموظفيها، مما ساهم بشكل خاص في زيادة فرص العمل للنساء، اللاتي كن يعانين من عقبات في الوصول إلى مواقع العمل بسبب المسافة أو الظروف العائلية. ومن جهة أخرى، تمكّن هذا النمط من دمج الأشخاص المقيمين في المناطق النائية بسوق العمل بفاعلية، مما يحقق توازنًا أفضل بين الحياة الشخصية والالتزامات الوظيفية.

وأشار الفوازي إلى أهمية الاستثمار في التدريب والتطوير لضمان استدامة فوائد العمل عن بُعد، حيث يتطلب ذلك توعية الموظفين والمديرين بأساليب العمل الحديثة وإدارة الوقت بفعالية. وقدم مثالًا على شركات عالمية مثل “دروب بوكس” و”إكس” التي وفرت دعمًا ماليًا لموظفيها لتحسين بيئة العمل المنزلية، مما يعكس أهمية البنية التحتية الجيدة لهذه التجربة.

التحديات والفرص في سوق العمل السعودي

رغم التقدم الذي شهدته تجربة العمل عن بُعد في السعودية، إلا أن الفوازي أشار إلى أن السوق لم يصل بعد إلى مرحلة النضج الكاملة. حيث لا تزال 75% من الشركات في المملكة عائلية، مما يعرقل بشكل ما إمكانية التحول إلى بيئات عمل عن بُعد بالكامل. ومع ذلك، هناك نماذج ناجحة بدأت في تطبيق بنية تحتية مناسبة لهذه الظاهرة.

وبيّن أن إحصائيات تشير إلى أن 192 ألف موظف فقط من أصل 2.4 مليون موظف في المملكة يعملون عن بُعد، مما يدل على أن هذه التجربة لا تزال في بداياتها. لكن الفوازي يؤمن بإمكانات كبيرة لنمو العمل عن بُعد في السعودية، لما يوفره من فرص لتعزيز مشاركة المرأة وتقليل معدلات البطالة.

بالإضافة إلى ذلك، تطرق الفوازي إلى التحديات التقنية والثقافية التي تشكل عقبات أمام توسع العمل عن بُعد. وضرُورة تغيير ذهنية الإدارة التقليدية لتبني مقاييس أداء معتمدة على النتائج بدلاً من الحضور الجسدي، مع ضمان التزام الموظفين بمبادئ العمل بعيدًا عن المكاتب الرسمية.

نظرة مستقبلية

يرى الفوازي أن المستقبل سيكون متأثرًا بشكل متزايد بتحولات العمل عن بُعد، خاصة مع رؤية المملكة 2030 التي تدعو إلى الابتكار وتوظيف التقنية في مختلف القطاعات. ويشير إلى أن العمل عن بُعد يمكن أن يصبح ركيزة أساسية للتحول الاقتصادي إذا ما تم دمجه ضمن الاستراتيجيات الوطنية.

كما ينبه الفوازي إلى فوائد العمل عن بُعد في تقليل الضغط على البنية التحتية للمدن الكبرى، مما يساهم في تحسين البيئة وتقليل انبعاثات الكربون. ولكنه حذر من اعتباره حلاً سحريًا، مؤكدًا أن نجاحه يتطلب التزامًا فرديًا ودعمًا مؤسسيًا، مع ضرورة وضع ضوابط لضمان جودة الأداء وحماية مصالح العاملين. في الختام، اعتبر الفوازي أن السعودية لديها فرصة تاريخية لإعادة تشكيل سوق العمل بما يتماشى مع التطورات العالمية، وأن العمل عن بُعد يعد أداة قوية لتعزيز كفاءة السوق وخلق فرص عمل جديدة.

قد يهمك

زر الذهاب إلى الأعلى